والفرس، وأهل الهند، الذين كانوا يتيهون ويزهون بعلومهم وفلسفاتهم، فكانت عندهم عقد نفسية وفكرية لم يكن من السهل حلّها، أما العرب فلم تكن على ألواح قلوبهم إلا كتابات بسيطة خطّتها يد الجهل والبداوة، ومن السهل الميسور محوها وغسلها، ورسم غيرها مكانها!
وبالتعبير العلمي المعاصر كانوا أصحاب (الجهل البسيط) الذي تسهل مداواته، بينما كانت الأمم الأخرى تمثل (الجهل المركب) الذي تصعب مداواته وإزالته!
وكانوا على الفطرة، وأصحاب إرادة قوية، إذا التوى عليهم فهم الحق حاربوه، وإذا انكشف الغطاء عن عيونهم أحبوه واحتضنوه، واستماتوا في سبيله!
يعبّر عن هذه النفسيّة العربيّة خير تعبير، ما قاله سهيل بن عمرو فيما رواه البخاري، حين سمع ما جاء في كتاب الصلح في الحديبيّة -كما سيأتي- من حديث المسور ومروان:
هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله:(والله! لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك)(١)!
وما رواه البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سريّة عيناً، وأمّر عليهم عاصم بن ثابت -وهو جد عاصم بن عمر بن الخطاب- فانطلقوا، حتى إِذا كان بين عُسفان ومكة، ذُكروا لحيّ من هذيل، يقال لهم: بنو لحِيان، فتبعوهم بقريب من مائة رام،