للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكم عند الله. قالوا: أمِط عنّا يا أسعد (١)، فوالله! لا ندع هذه البيعة أبداً، ولا نَسْلِيها أبداً (٢)، قال: فقمنا إِليه فبايعناه، فأخذ علينا وشرط يعطينا على ذلك الجنة (٣)!

رضي الله عنهم أجمعين!

وقد صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وبايعوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، وقد تجلّى هذا الصدق في العزم، والجد في العمل، وروح الامتثال للحق!

أما اليونان والرومان (٤)، وأهل إيران، فقد اعتادوا مجاراة الأوضاع، ومسايرة الزمان، ولا يهيجهم ظلم، ولا يستهويهم حق، ولا تملكهم فكرة ودعوة، ولا تستحوذ عليهم استحواذاً يتناسون فيه أنفسهم، ويجازفون فيه بحياتهم ولذاتهم!

وكان العرب بمعزل عن أدواء المدنيّة والترف، التي يصعب علاجها، والتي تحول دون التحمّس للعقيدة والتفاني في سبيلها!

وكانوا أصحاب صدق وأمانة وشجاعة، ليس النفاق والمؤامرة من طبيعتهم، وكانوا مغاوير حرب، وأحلاس خيل، وأصحاب جلادة وتقشّف في الحياة، وكانت الفروسيّة هي الخُلق البارز الذي لا بد أن تتصف به أمة


(١) معناه: أمط عنا يدك، أي: نحّها وأبعدها عنا.
(٢) أي لا نرفضها ولا نتركها.
(٣) أحمد: ٣: ٣٢٢ - ٣٢٣، والفتح الرباني: ٢: ٢٦٩ - ٢٧٠، والبزار (١٧٥٦) كشف الأستار، والبيهقي،: ٨: ١٤٦، والدلائل: ٢: ٤٤١ - ٤٤٣، والحاكم: ٢: ٦٢٥ - ٦٢٦ وقال: صحيح الإسناد جامع لبيعة العقبة ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وقال ابن كثير في تاريخه: هذا إسناد جيد على شرط مسلم، وابن حبان (٦٢٧٤، ٧٠١٢)، وانظر؛ "المجمع: ٦: ٤٦.
(٤) السيرة النبويّة: الندوي: ٤٧ وما بعدها بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>