للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى إِن الرجل ليخرج من اليمن أو مُضر، فيأتيه قومه، فيقولون: احذر غلام قريش لا يفتِنْك، ويمشي بين رجالهم، وهم يُشيرون إِليه بالأصابع، حتى بعثنا الله إِليه من يَثْرب، فآويناه وصدّقناه، فيخرج الرجل منّا فيؤمنُ به ويقرئُه القرآن، فينقلبُ إِلى أهله، فيسْلِمون بإِسلامه، حتى لم يبق دُورٌ من الأنصار إِلا وفيها رهطٌ من المسلمين، يظهرون الإسلام، ثم ائْتَمروا جميعاً، فقلنا: حتى متى نتركُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُطرد في جبال مكة ويُخافَ، فرحل إِليه منا سبعون رجلاً، حتى قدموا عليه في الموسم، فواعدناه شِعْب العقبة، فاجتمعنا عليه من رجل ورجلين، حتى توافينا، فقلنا: يا رسول الله! نبايعك، قال: "تبايعوني على السّمع والطّاعة، في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله، لا تخافون في الله لومةَ لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إِذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة"!

قال: فقمنا إِليه فبايعناه، وأخذ بيده أسعدُ بن زُرارة، وهو من أصغرهم، فقال: رويداً يا أهل يثرب، فإِنا لم نضرب أكبادَ الإِبل إِلا ونحن نعلم أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإِن إِخراجه اليوم مفارقةُ (١) العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تَعضَّكم السيوف، فإِما أنكم قوم تصبرون على ذلك وأجركم على الله، وإِما أنكم تخافون من أنفسكم جُبَيْنةً (٢)، فبيّنوا ذلك، فهو أعْذر


(١) أي معاداتهم جميعاً، وربما قامت بينكم وبينهم حرب فيقتلون خياركم، وتعمل فيكم سيوفهم.
(٢) أي جبنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>