للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أن أبالي حين أُقتل مُسلماً ... على أي شِقٍّ كان لله مصرعي

وذلك في ذات الإِله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلْوٍ ممزّع

ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله، وبعثت قريش إلى عاصم ليُؤتوا بشيء من جسده يعرفونه، وكان عاصم قتل عظيمًا من عظمائهم يوم بدر، فبعث الله عليه مثل الظُّلة من الدَّبْر، فحمته من رسلهم، فلم يقدروا منه على شيء (١)!

وقد قال عكرمة بن أبي جهل حين حمي الوطيس في معركة اليرموك، واشتد عليه الضغط: (قاتلت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل موطن، وأفرّ منكم اليوم؟ ثم نادى من يبايع على الموت؟ فبايعه من بايعه، ثم لم يزل يقاتل حتى أثبت جراحاً، وقتل شهيداً) (٢)!

وكانوا واقعيّين جادّين، أصحاب صراحة وصرامة، لا يخدعون غيرهم ولا أنفسهم، اعتادوا القول السديد، والعزم الأكيد، يدل على ذلك دلالة واضحة ما رواه أحمد وغيره بإسناد حسن عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: مكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة عشر سنين، يتَّبع الناس في منازلهم بعكاظ ومَجَنّة وفي المواسم بمنى يقول:

"مَن يُؤويني، مَن ينصرني، حتى أبلِّغ رسالة ربي، وله الجنة"!


(١) البخاري: ٦٤ - المغازي (٤٠٨٦).
(٢) السيرة النبويّة: الندوي ٤٥ - ٤٦، وانظر: تاريخ الطبري: ٤: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>