للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يهيمن عليها أحد من خارجها, ولا تسيطر عليها حكومة قاهرة تحاصر الدعوة في محضنها .. ويجعل هذا الحادث عبرة ظاهرة مكشوفة لجميع الأنظار في جميع الأجيال، حتى ليمتنّ بها على قريش بعد البعثة في هذه السورة، ويضربها مثلاً لرعاية الله لحرماته وغيرته عليها .. فممّا يتناسق مع جو هذه الملابسات كلها أن يجيء الحادث غير مألوف ولا معهود، بكل مقوماته وبكل أجزائه .. ولا داعي للمحاولة في تغليب صورة المألوف من الأمر في حادث هو ذاته وبملابساته مفرد فذ!

وبخاصة أن المألوف في الجدري أو الحصبة لا يتفق مع ما روي من آثار الحادث بأجسام الجيش وقائده، فقد روى ابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير قال: لما أراد الله أن يُهلك أصحاب الفيل، بعث عليهم طيراً أنشئت من البحر، أمثال الخطاطيف، كل طير منها يحمل ثلاثة أحجار مجزّعة، حجرين في رجليه، وحجراً في منقاره، قال: فجاءت حتى صفت على رؤوسهم، ثم صاحت وألقت ما في أرجلها ومناقيرها، فما يقع حجر على رأس رجل إِلا خرج من دبره، ولا يقع على شيء من جسده إِلا خرج من الجانب الآخر، وبعث الله ريحاً شديدة فضربت الحجارة فزادتها شدة، فأهلكوا جميعاً (١)!

ومنهم من هلك سريعاً، ومنهم من جعل يتساقط عضواً عضواً وهم هاربون، كما قال عطاء وغيره (٢)!

والجدري أو الحصبة لا يسقط الجسم عضواً عضواً!


(١) تفسير ابن كثير: ٤: ٥٥١، وانظر: تفسير الطبري: ٣٠: ٣٠٣.
(٢) تفسير ابن كثير: ٤: ٥٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>