يقودها بحكمته، ويوجهها بسياسته، والرسالات الإلهيّة هي المرشد العليم، والمستشار الأمين, والناصح الحكيم، وعلى ضوء إرشادها ونصحها ومشورتها يسير (العقل) في طريقه مؤدياً واجبه على أكمل وجه في الحياة!
ولقد مرت الإنسانيّة بأطوار متعددة، اختلفت عليها في تلك الأطوار الرسالات الإلهيّة، فكانت فيها معالم للتاريخ على تلك الأطوار، وكانت كل رسالة بداية لطور ونهاية لآِخر .. وقد احتفظت تلك الرسالات بخصائص ومميّزات، هي في الواقع -خصائص ومميزات الأطوار التي سايرتها، ومن تلك الخصائص يُعرف نصيب (العقل) في تلك الأطوار، فهو مولود مع الإنسانيّة، وخاضع لما تخضع له من حكم التدرج في طريق الاكتمال!
وكما مرّت الإنسانيّة في مرحلة الطفوليّة الغريزيّة بالغرائز المنطلقة، مرّ معها (العقل) الإنساني في هذه المرحلة، منطلقاً مع الغرائز، يفتح لها أبواب المادية المجنونة الجائعة، وجاءت الرسالات الإلهيّة في هذا الطور تومئ إلى الحقائق العليا ولا تُفصح، وتَرمز ولا تُصرِّح، تمشياً مع طاقة الإنسانيّة الساذجة وحالة الطفولة التي يمر (العقل) بها في مرحلتها في هذا الطور من أطوار التاريخ البشري!
واستعراض الصور الجدليّة التي يقصها التاريخ, وتحدثنا بها كتب الرسالات الإلهيّة عن أوائل الأنبياء والرسل ومتقدميهم في الزمن، كنوح، وإبراهيم، وهود، وصالح، وشعيب مع أممهم، قد لنا على أن (العقل) البشري وقتئذ كان مدثّراً في مهاد الطفولية، محاطاً بالغرائز تهدهده، حتى يظل نائماً لصيقاً بالأرض محجوباً عن السماء!