لقد سمى إبراهيم الأحجار باسمها {هَذِهِ التَّمَاثِيلُ}(١)، واستنكر أن يعكفوا عليها بالعبادة، وكلمة {عَاكِفُونَ} تفيد الانكباب المستمر .. وهذا يفيد تعلقهم بها .. وجاء الجواب ليدل على التحجر العقلي والنفسي داخل قوالب التقليد الميتة، في مقابل حريّة الإيمان, وانطلاقه للنظر والتدبر، وتقويم الأشياء والأوضاع بقيمها الحقيقيّة لا التقليديّة، والوراثات المتحجرة التي لا يقوم عليها دليل!
وما كانت عبادة الآباء لتكسب هذه التماثيل قيمة ليست لها, ولا لتخلع عليها قداسة لا تستحقها .. فالقيم لا تنبع من تقليد الآباء وتقديسهم؛ إنما تنبع من التقويم المتحرر الطليق!
وعندما واجههم إبراهيم - عليه السلام - بهذه الطلاقة في التقدير، وبهذه الصراحة في الحكم، راحوا يسألون:
وهو سؤال المزعزع العقيدة، الذي لايطمئن إلى ما هو عليه؛ لأنه لم يتدبّره ولم يتحقّق منه، ولكنه كذلك معطّل الفكر والروح بتأثير الوهم والتقليد، فهو لا يدري أيّ الأقوال حق، والعبادة تقوم على اليقين لا على الوهم المزعزع الذي لا يستند إلى دليل!
وهذا هو التّيه الذي يخبط فيه من لا يدينون بعقيدة التوحيد الناصعة الواضحة المستقيم في (العقل والضمير)!