وفيم هذه الدماء المسفوكة؟ والمساكين غرقى؟، والفقراء جوعى، لا يصلون إلى شيء، ولا يصل إليهم شيء!
ولكن ما حيلة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهو طفل في هذه الهامات الضخمة، واللحى المسترسلة، والرقاب الغليظة، والأصوات المفزعة، والمجد الزائف، والشرف المؤثل؟!
- فهي التي تطوف بهذه الأحجار، وهي التي تدور وتتقرّب، وهي التي تهذل وتمسخ!
لو كان يسمع له لقال وتكلّم، ولعلّه أن يكون!
وفي حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - الخاصة ما يشغله عن صخب مكة ولهوها العابث حول أحجارها وأوثانها، فليذهب إلى أمّه ليسكن إلى ضمة صدرها وحنان قلبها، وقد كان يزورها مع ظئره، فتخطف له الحديث خطفاً عن أبيه وأسرته وقومه وبلده!
ولسان الحال يقول: أنت محمد بن عبد الله، الكريم بن الكريم، أبوك أنضر فتيان مكة وأشبّها شباباً، وأعلاها ذكراً، فأين هو؟
وتختنق آمنة العبرة، فلا تستطيع أن تمضي في الحديث، فينظر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإذا العبرات المكتومة المتبادلة!
ويلتف إلى من يملأ حوله الملأ من صناديد قريش، فإذا هو شيبة الحمد عبد المطلب بن هاشم شريف مكة وكبير قريش، وهؤلاء الفتيان البهاليل المساميح