وهذه الشموس الكبار العظام التي تعبر الوجود بكل خصائصها الذاتيّة المجهولة في غير توقّف إن هي إلا ذرّات من عناصر هذا الكون الهائل في هذا الوجود العظيم!
وإذا كانت هذه الشموس بعظمتها الكونيّة مشهودة وغائبة هي ضياء الحياة الماديّة التي يعيش على ضوئها العالمون، وهم بعد -على دأب عالميهم وجدّ باحثيهم في تعمّق الدراسة- لم يبلغوا من معرفة خصائصها الذاتيّة وآثارها الكونيّة، ومظاهر عناصرها الطبيعيّة إلا الشيء القليل الضئيل!
والرسول - صلى الله عليه وسلم - في خصائص رسالته الخالدة، وخصائص إنسانيّته السامية هو شمس الوجود الروحي في هذا الكون المحجّب بغلائل الجلال الإلهي!
حظّ العامة منه حظّهم من شموس الوجود المادي، رأوا ضوء رسالته بأعين بصائرهم، فمشوا إلى نورها يستبشرون برحمتها، وأحسّوا حرارة هدايتها فدلفوا لها يستظلّون بعدلها!
والوجود الروحي الذي جعل الله تعالى محمداً - صلى الله عليه وسلم - شمسه هو القوّة الربّانيّة المنبثّة في ذرّات الكون، تبثّ فيها الحياة، وتحرّكها حركتها المقدّرة في كتاب الغيب، فلا تحيد عنها مسرعة ولا مبطئة!
فكما لا يزال العلماء والمفكّرون والباحثون في جديد من شمس هذا الوجود الماديّ والحسيّ، يكشفون كل يوم من خصائصها الكونيّة الشيء بعد الشيء .. فكذلك شأن العلماء والمفكّرين والباحثين لا يزالون في جديد من خصائص رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - وهدايتها .. ولا يزالون في جديد من خصائص محمد - صلى الله عليه وسلم - الروحيّة وشمائله الإنسانيّة التي أعدّه الله بها جبلّة وتأدّباً، ليكون خاتم