للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالك - رضي الله عنه -: (بلغني أن النصارى كانوا إِذا رأوا الصحابة -رضي الله عنهم- الذين فتحوا الشام يقولون: والله! لهؤلاء خير من النصارى فيما بلغنا)!

وصدقوا في ذلك، فإن هذه الأمّة معظمة في الكتب المتقدّمة، وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد نوّه الله تعالى بذكرهم في الكتب المنزلة، والأخبار المتداولة!

ونبصر صورة مؤلفة من عدة معالم لأبرز حالات هؤلاء الصحابة الكرام رضي الله عنهم (١) .. فهم:

{أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}!

فهي الشدّة لله، والرحمة لله .. وهي الحميّة والسماحة للعقيدة .. فليس لهم في أنفسهم شيء، ولا لأنفسهم فيهم شيء .. وهم يقيمون عواطفهم ومشاعرهم، كما يقيمون سلوكهم وروابطهم على أساس عقيدتهم وحدها، يشتدّون على أعدائهم فيها، ويلينون لإخوتهم فيها .. قد تجرّدوا من الأنانية ومن الهوى، ومن الانفعال لغير الله، والوشيجة التي تربطهم بالله!

وإرادة التكريم واضحة، وهو يختار من هيئاتهم وحالاتهم، هيئة الركوع والسجود، وحاله العبادة!

{تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا}!

والتعبير يوحي كأنما هذه هيئتهم الدائمة التي يراها الرائي حيث رآهم .. ذلك أن هيئة الركوع والسجود تمثل حالة العبادة، وهي الحالة الأصيلة لهم في


(١) في ظلال القرآن: ٦: ٣٣٣٢ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>