حقيقة نفوسهم، فعبر عنها تعبيراً يثبتها كذلك في زمانهم، حتى لكأنهم يقضون زمانهم كله ركّعاً سجّداً!
وتطالعنا بواطن نفوسهم، وأعماق سرائرهم!
{يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا}!
وتلك صورة مشاعرهم الدائمة الثابتة .. كل ما يشغل بالهم، وكل ما تتطلّع إليه أشواقهم، هو فضل الله ورضوانه، ولا شيء وراء هذا الفضل والرضوان يتطلّعون إليه، ويشغلون به!
ويطالعنا أثر العبادة الظاهرة، والتطلّع المضمر في ملامحهم، ونضحها على سماتهم!
والسيما: العلامة، وقيل: المراد بها بياض يكون في الوجوه يوم القيامة، قاله الحسن، وسعيد بن جبير، وهو رواية عن ابن عباس -رضي الله عنهما- وفي رواية عن مجاهد: السيماء في الدنيا: هو السمت الحسن، وعن مجاهد أيضاً: هو الخشوع والتواضع!
ولا منافاة بينها، حيث يكون السمت في الدنيا: الحسن الذي ينشأ عن التواضع والخشوع، وفي الآخرة يكون في جباههم نوراً (١)!
واختار لفظ السجود؛ لأنه يمثل حالة الإذعان والخشوع، والانقياد والخضوع، والعبوديّة لله -عَزَّ وَجَلَّ- في أكمل صورها، فهو أثر الخشوع والخضوع، في ملامح الوجه، حيث تتوارى الخيلاء والكبرياء والفراهة، ويحلّ