فهو يقذف بها عن علم، ويوجّهها على علم، ولا يخفى عليه هدف، ولا تغيب عنه غاية، ولا يقف للحق الذي يقذف به معترض ولا سدّ يعوق، فالطريق أمامه مكشوف ليس فيه مستور .. ويتلوه الإيقاع الرابع في مثل عنفه وسرعته!
جاء هذا الحق في صورة من صوره، في الرسالة، وفي قرآنها، وفي منهجها المستقيم .. جاء الحق بقوّته وبدفعته وباستعلائه وسيطرته!
{وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (٤٩)}!
فقد انتهى أمره، وما عادت له حياة، وما عاد له مجال، وقد تقرر مصيره، وعرف أنه إلى زوال!
إنه الإيقاع المزلزل، الذي يشعر من يسمعه أن القضاء المبرم قد قضى، وأنه لم يعد هناك مجال لشيء آخر يقال .. وإنه لكذلك!
فمنذ بعث الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - استقرّ منهج الحق واتضح، ولم يعد الباطل إلا مماحكة ومماحلة أمام الحق الواضح الحاسم الجازم!
ومهما يقع من غلبة ماديّة للباطل في بعض الأحوال والظروف، إلا أنها ليست غلبة على الحق؛ إنما هي غلبة الناس لا المبادئ، وهذه موقوتة ثم تزول .. أما الحق فواضح بيّن صريح!