للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (٤) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (٥) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (٨) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (٩) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (١٠) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١)} [الضحى: ١: ١١]!

وتلك السورة بموضوعها، وتعبيرها، ومشاهدهما، وظلالها وإيقاعها (١)، لمسة من حنان، ونسمة من رحمة، وطائف من ود، ويد حانية تمسح على الآلام والمواجع، وتنسم بالرّوْح والرضى والأمل، وتسكب البرد والطمأنينة واليقن!

إنها كلها خالصة للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، كلها نجاء له من ربّه، وتسرية وتسلية وترويح وتطمين، كلها أنسام من الرحمة، وأنداء من الودّ، وألطاف من القربى، وهدهدة للروح المتعب، والخاطر المقلق، والقلب الموجوع!

يروي الشيخان وغيرهما عن جندب بن سفيان - رضي الله عنه - قال (٢): اشتكى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلم يقُم ليلتين أو ثلاثًا، فجاءت امرأة فقالت: يا محمَّد، إِنّي لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، لم أره قَرِبك منذ ليلتين، أو ثلاثًا، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣)}!

قال ابن حجر بعد أن ذكر بعض الروايات التي لم تثبت: والحق أن الفترة المذكورة في سبب نزول {وَالضُّحَى} غير الفترة المذكورة في ابتداء الوحي،


(١) في ظلال القرآن: ٦: ٣٩٢٥ وما بعدها بتصرف.
(٢) البخاري: ٦٥ - التفسير (٤٩٥٠)، ومسلم (١٧٩٧)، وأحمد: ٤: ٣١٢، والبيهقي: ٣: ١٤، والدلائل: ٧: ٥٨ - ٥٩، وأبو عوانة: ٤: ٣٤٠، والطبراني: الكبير (١٧١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>