هي فترة القلق والخوف والفزع عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، حتى تحتاج إلى لقاء الطمأنينة في نفس النبي -صلى الله عليه وسلم-. ولو فرضنا أن تكون به - صلى الله عليه وسلم- حاجة إلى لقاء الطمأنينة في نفسه، فليس مما يتّسق مع سنّة الله تعالى في مخاطبته نبيّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أن يفاجئه الوحي إثر فترة لم تكن أسبابها باختياره بهذه الشدّة التي يشعر بها التعبير بلفظ (ودّع) و (قلى) وإن كانتا في حيّز النفي، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان في حاجة إلى التلطف به في الخطاب لمسح ما ألمّ به من قلق وخوف وفزع -كما يقول الشيخ الإمام!
والشدّة التي لاقاها النبي -صلى الله عليه وسلم- في بدء الوحي، ومفاجأة الغار -كما أسلفنا- إنما كانت لاستفراغ بشريّته من العلائق الماديّة، وإعداده روحيًّا لتلقّي وحي اليقظة، ونزول القرآن الكريم، وشهود عوالم الملأ الأعلى، الذي أنست نفسه الشريفة بمطالعة أنواره، وشهود آيات إبداعه!
وقد تمّ ذلك كله له - صلى الله عليه وسلم - على أتمّ وأكمل مراتب الوحي، وصار - صلى الله عليه وسلم - يعيش حياته كلها متشوّقًا إلى لقاء أمين الوحي جبريل -عليه السلام- متشوّقًا إلى ما يلقيه إليه من وحي الله وأمره ووصاياه!
وقول الشيخ الإمام: ومن أين للمشركين أن يعلموا فترة الوحي فيقولوا أو يطعنوا؟ مردود بالحديث السابق الذي لو اطلع الشيخ الإمام عليه وعلى غيره مما يجري مجراه لعلم يقينًا أن من المشركين من كان جيران سوء وعداوة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان في طليعتهم عمه أبو لهب وزوجه الخبيثة العوراء أم جميل بنت حرب، أخت أبي سفيان، حمالة الحطب، كما سمّاها القرآن، وكان هؤلاء الأعداء جيران السوء يؤذون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويتسمّعون عليه، ويرقبون مدخله ومخرجه، وصحوه ونومه، وسائر حركاته وسكناته .. وبيوت العرب يومئذ لم