هذا، وافتتاح السورة بالأمر بالقول لإظهار العناية بما بعد فعل القول (١)، وقد عرفنا أن السورة نزلت على سبب السؤال، فكانت جوابًا على سؤال السائلين، فلذلك قال الله له:{قُلْ}، فكان للأمر بفعل {قُلْ}، تلك الفائدة!
وضمير {هُوَ}، ضمير الشأن لإفادة الاهتمام بالجملة التي بعده، وإذا سمعه الذين سألوا تطلّعوا إلى ما بعده!
ويجوز أن يكون {هُوَ} أيضًا عائدًا إلى الربّ في سؤال المشركين حين قالوا: (انْسُبْ لنا ربك)!
وقوله:{أَحَدٌ} معناه أنه منفرد بالحقيقة التي لوحظت في اسمه العلم، وهي الإلهّية المعروفة، فإذا قيل:{الله أَحَدٌ} فالمراد أنه منفرد بالإلهيّة، وإذا قيل (الله واحد)؛ فالمراد أنه واحد لا متعدّد، فمن دونه ليس بإله، ومآل الوصفين إلى معنى نفي الشريك له تعالى في إلهيته!
فلما أريد في صدر البعثة إثبات الوحدة الكاملة لله، تعليمًا للناس كلهم، وابطالاً لعقيدة الشرك، وُصف الله في هذه السورة بـ {أَحَدٌ} ولم يوصف بـ (واحد)؛ لأنّ الصفة المشبّهة نهايةُ ما يمكن به تقريب معنى وحدة الله تعالى إلى عقول أهل اللسان العربيّ المبين!
وقال ابن سينا: إن {أَحَد} دالّ على أنه تعالى واحد من جميع الوجوه، وأنه لا كثرة هناك أصلًا، لا كثرة معنويّةً، وهي كثرة المقوّمات، والأجناس، والفصول، ولا كثرةً حسيّة، وهي كثرة الأجزاء الخارجيّة المتمايزة عقلًا، كما في المادّة والصورة، والكثرة الحسيّة بالقوّة أو بالفعل، كما في الجسم، وذلك