للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متضمّن لكونه سبحانه منزّهًا عن الجنس والفصل، والمادّة، والصورة، والأعراض، والأبعاض، والأعضاء، والأشكال، والألوان، وسائر ما يثلم الوحدة الكاملة، والبساطة الحقّة اللائقة بكرم وجهه -عزّ وجل- أن يشبهه شيء، أو يساويه سبحانه شيء، وتبيينُه:

أما الواحد فمقول على ما تحته بالتشكيك، والذي لا ينقسم بوجه أصلًا أولى بالواحديّة مما ينقسم من بعض الوجوه، والذي لا ينقسم انقسامًا عقليًا أولى بالواحديّة من الذي ينقسم انقسامًا بالحسّ بالقوة ثم بالفعل، فـ (أحد) جامع للدلالة على الواحديّة من جميع الوجوه، وأنه لا كثرة في موصوفه!

قال ابن القيم (١): فهو توحيد منه لنفسه، وأمر للمخاطب بتوحيده، فإذا قال العبد: {قُلْ هُوَ الله أحد (١)} كان قد وحّد الله بما وحّد به نفسه، وأتى بلفظ {قُلْ} تحقيقًا لهذا المعنى، وأنه مبلّغ محض، قائل لما أمر بقوله .. وهذا بخلاف قوله: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١)} (الفلق)!

{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١)} (الناس)!

فإن هذا أمر محض بإنشاء الاستعاذة، لا تبليغ لقوله .. فإن الله لا يستعيذ من أحد، وذلك عليه محال، بخلاف قوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)}!

فإنه خبر عن توحيده، وهو سبحانه يخبر عن نفسه بأنّه الواحد الأحد، فتأمّل هذه النكتة البديعة، والله المستعان (٢)!

وقال: في سورة الإخلاص من كمال التوحيد العلمي الاعتقادي، وإثبات


(١) بدائع التفسير: ٥: ٣٦٧ وما بعدها بتصرف.
(٢) انظر: بدائع الفوائد: ٢: ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>