ولا ترفع معها سواها .. وإلا أن تسلك الدعوة هذا الطريق الوعر الشاق في ظاهره، والمبارك الميسّر في حقيقته!
إن هذا (الدّين القيّم)، دين الأمّة الوسط الخيرة، يقوم على قاعدة الألوهيّة الواحدة .. كل تنظيماته وكل تشريعاته، تنبثق من هذا الأصل الكبير .. وإن نظامه يتناول الحياة كلها، ويتولّى شؤون البشرية كبيرها وصغيرها، وينظم حياة الإنسان .. في عالم الشهادة، وعالم الغيب المكنون عنها .. في المعاملات الظاهرة المادية وفي أعماق الضمير .. ودنيا السرائر والنوايا سواء!
هذا جانب من سرّ هذا (الدّين القيّم) ومنهجه، في بناء النفس وامتداده، يجعل بناء العقيدة وتمكينها، وشمولها واستغراقها لشعاب النفس ضرورة من ضرورات النشأة الصحيحة، وضمانًا من ضمانات الاحتمال والتناسق في كل تلك المعالم!
ومتى استقرت عقيدة:(لا إله إلا الله)! في الأعماق الغائرة البعيدة، استقرّ معها في نفس الوقت النظام الذي تتمثّل فيه:(لا إله إلا الله)!
وتعيّن أنه النظام الوحيد الذي ترتضيه النفوس التي استقرّت فيها العقيدة، واستسلمت هذه النفوس ابتداءً لهذا النظام، حتى قبل أن تعرض عليها تفصيلاته، وقبل أن تعرض عليها تشريعاته!
فالاستسلام ابتداء هو مقتضى الإيمان .. وبمثل هذا الاستسلام تلقّت النفوس المؤمنة، في المجتمع الإِسلامي الأوّل، تنظيمات هذا (الدّين القيم) وتشريعاته بالرضى والقبول، لا تعترض على شيء منه فور وصوله إليها، ولا تتلكّأ في تنفيذه بمجرّد تلقّيها له!