للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالفرق مقصود، والمكث مقصود كذلك .. ليتم البناء التكويني المؤلف من عقيدة في صورة (منظمة حيّة)، لا في صورة (نظرّية معرفيّة)!

ونحن لا نملك أن نصل إلى التصوّر الربانيّ والحياة الربانيّة إلا عن طريق المنهج الذي قام عليه المجتمِع الإِسلامي .. ومنهج التفكير والحركة في بناء المجتمع الإِسلامي يجب أن يتمثّل وفق معالم المجتمع الذي قام عليه المجتمع الإِسلامي الأول!

رجاء أن نبصر معالم طريق النصر، وانتشار (الدّين القيم)، كما انتشر بسرعة لم يعهد لها نظير في التاريخ!

ويندهش عقل الناظر في أحوال البشر، عندما يرى أن هذا الدّين يجمع إليه الأمّة العربية من أدناها إلى أقصاها في أقل من ثلاثين سنة، ثم يتناول من بقيّة الأمم ما بين المحيط العربي والصين في أقل من قرن واحد، وهو أمر لم يعهد في تاريخ الرسالات والرسل، ولذلك ضلّ كثير في بيان السبب الذي اهتدى إليه المنصفون في سرعة انتشار هذا الدّين، فبطل العجب (١)!

ابتدأ (الدّين القيّم) بالدعوة إلى الله، ولقي من أعداء أنفسهم أشدّ ما يلقى حقّ من باطل، وأوذي الرسول - صلى الله عليه وسلم -كما سبق- بضروب الإيذاء التي يعجز الخيال المحلّق عن تصوّرها!

وأقيم في وجهه - صلى الله عليه وسلم - ما كان يصعب تذليله من العقاب، لولا عناية الله، وعذب المستجيبون له، وحرموا الرزق، وطردوا من الدار، وسُفكت منهم دماء غزيرة -كما هو معلوم- غير أن تلك الدماء كانت عيون العزائم تتفجّر


(١) رسالة التوحيد: ٩٥ وما بعدها بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>