للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن هنا يتساءل المتسائلون، ويتعجّب المتعجّبون: بأيّ جناح تطير هذه الأرواح إلى مستقرّها الأرفع، بعد أن حملت من أوزار المادّة وأثقالها ما أوهن أجنحتها؟!

وكيف تطمع هذه الأرواح أن تعود كرّة أخرى إلى ذلك الرفيق الأعلى، وقد أصابها منذ هبطت إلى هذا الكوكب، من غبار الدنيا وغبرتها، ومن شعثها وقترتها، ما يباعد بينها وبين ذلك الأفق الأقدس الأطهر؟!

يتساءلون ويعجبون .. إنهم يرونه بعيداً، ولكن القرآن الكريم يراه قريبًا جدّ قريب!

ها هو ذا يرشد الأرواح إلى طهورها الذي يردّ إليها اعتبارها!

ها هو ذا يهيئ للأرواح معراجها الذي يعيدها إلى عزّة مكانها، وشرف جوارها!

{فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (٥٥)} (القمر)!

نعم، لقد كانت الوصية الأولى حداءً للأرواح يدعوها إلى الملأ الأعلى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣)}!

فجاءت هذه الوصيّة الثانية، تنصب للأرواح معراجها الذي تعرج فيه، لتلبية ذلك النداء: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}!

إنه لمعراج حقاً، ولكن أليس حسب الكسالى مثبطاً أنه معراج؟!

ومعلوم أن واجب الطهر ليس عمل ساعة، وإنما هو قرين العمر، وليس شغل يوم، ولكنه مشغلة الدهر!

<<  <  ج: ص:  >  >>