وهذه فئة أخرى تسعى إلى المال، لتغامر به وتقامر، أو لتخالل وتخادن، أو لتنفقه في ألوان المسكر والمخدّر!
وهذه فئة ثالثة تطلب المال، لا لتبطش بيدها، ولا لتفجر بجارحتها، ولكنها آثمة القلب، أسيرة للهوى الخفي، تريد أن تباهي بثروتها وتفاخر، وأن تنافس بها وتكاثر: {كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (٣٨)} (الإسراء)!
هذه أمثلة من البواعث الملتوية، لا نقتبسها من الفروض العقليّة، ولكن نستمدّها من صحيفة الواقع، ومن تقليب النظر في سيرة الجمهور الكادح!
ها هم أولاء يكتسبون عيشهم بعرق الجبين، بكدح الذهن أو كدّ اليمين، فإذا فتشت صدورهم لتعرف نوازعها إلى العمل، وأهدافها من السعي والتنقيب، لا تجد في أكثرها معنى إنسانيًّا ولا روحيًّا!
إنه ليس يهم الحديث على الأهل والولد!
وليس يهم الرعاية لحق الله والوطن!
ولكنه النزول على حكم الشهوات الجامحة، في صورة من هذه الصور أو أمثالها!
ستجد أكثرهم يلتمسون الرزق من حلّه، ولكن هدفهم هو إنفاقه في غير محله! إنهم يتخذون نعمة الله أداة لمعصية الله!
إنهم يطلبون الثروة ليحوّلوها عن طريقها، ويضعوها في يد غير مستحقيها!
ألا تدخل معي إلى بيت من بيوتهم لتنظر في وجوه أهليهم وأولادهم؟!