إن الدولة مهما تتسع مواردها، ومهما تتفتّح عيونها, لا تقف على كل حادثة، ولا تسمع كل استغاثة!
أفنترك الجائع الذي لا يجد ما يسدّ رمقه؟!
والعاري الذي ليس عنده ما يستر بشرته؟!
والضائع الذي لا مأوى له؟!
والجريح الذي ينزف دمه؟!
والمريض يمتد مرضه؟!
حتى تفطن لهم الدولة، وتؤدّي واجبها نحوهم؟!
لقد عرف (الدّين القيّم) لهؤلاء جميعاً حقّهم، فجعل معونتهم في عنق من اطّلع على حاجاتهم .. فإن أعرض عنهم فهو آثم، وإن أعطى دون ما يكفيهم فهو آثم، إلا أن يعجز عن الكفاية؛ فعليه حينئذ أن يستعين بغيره لإحياء هذه النفوس البائسة وإسعافها وإنقاذها:{وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}(المائدة: ٣٢)!
من هذين الواجبين:
واجب الزكاة المفروضة!
وواجب الإغاثة عند الطوارئ!
يتألف الحدّ الأدنى للبرّ في الإسلام، فمن أداهما جميعاً فقد برئ من إثم الشحّ، وتطهّر من رجسه، ولو بقيت له الألوف المؤلفة، والقناطير المقنطرة!