مقياسان كل منهما قائم بنفسه .. مستقل تمام الاستقلال عن صاحبه!
أما المقياس الأول، فإنه يخصّ المقتدرين، ولو امتداداً نسبياً متواضعاً، إنه يعني كل من بلغ ماله نصاباً معيّناً في وقت معيّن!
تلك هي فريضة العشر، أو نصف العشر، في الزروع والثمار عند كل حصاد!
وفريضة ربع العشر من الذهب والفضة في كل عام!
إلى مقادير معيّنة من بهيمة الأنعام في كل حول!
ذلك هو الحق المعلوم الذي أشار إليه القرآن الحكيم في قوله -جل شأنه- في صفات المؤمنين: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (المعارج)!
وحدّده الهدي النبوي (١) .. نسب لا تختلف باختلاف الحاجات شدّة ولا ضعفاً، ولكنها تؤدّى على كل حال، إلى الدولة نفسها لتتولى صرفها في الوجوه الخاصة أو العامة التي حدّدها الكتاب الحكيم!
وأما المقياس الثاني، فإنه لا يحدّ بنصاب، ولا زمان، ولا مقدار .. إنه يدور على محور الضرورات النازلة، والحاجات المتجدّدة، ويقدر بقدر كل واحدة!
أمام هذه النوازل، ليس لأحد أن يقول:
لقد أدّيت ما عليّ من الزكاة المفروضة، فلتؤدّ الدولة ما عليها!