ثمانية أبواب، يكفي أن نطلع على بضعة منها, لنعرف كيف اتخذ القرآن الحكيم من هذه الفريضة الاجتماعيّة، أساساً لبيان قومي مثالي، يجمع إلى عناصر القوة والحرمة عناصر الحياة السعيدة، والعيشة الرغيدة!
نعم، يريد الله بهذا التشريع، ألا يكون في بلاد الإسلام فرد واحد إلا وله مسكن يؤويه، وأثاث يرتفق به في مسكنه، وله كسوة للشتاء والصيف، وله مركب وخادم إن عجز عن السعي بنفسه، وعنده فوق ذلك ما يكفي لقوته سنة كاملة!
فمن أعوزه شيء من ذلك، فهو في نظر المحقّقين من الأئمة فقير، له علينا الحق في رفعه إلى هذا المستوى!
فإن لم تف حصيلة الزكاة بإبلاغه إلى هذا الحدّ الأدنى، وجب علينا في حلّ أموالنا، ما نوفر له به هذه المرافق الضروريّة، ثم ما يوفر له قوته أولاً، بتهيئة عمل له، يتكسّب به يوماً بيوم!
فهذا هو سهم الفقراء والمساكين!
ثم يريد الله، ألا يكون في بلاد الإسلام، مدين يرهقه الدَّين -الذي استدانه في حلال- ولم يجد له وفاء، أو مدين يثقله دين تحمّل به في برّ الغير، ولو كان عنده وفاء به، بل علينا أن نؤدّي عن المدينين ما يقضي دينهم!
وهذا هو سهم الغارمين!
ثم يريد الله، ألا يكون ببلاد الإسلام غريب، انقطعت به الأسباب عن بلده وماله، إلا آويناه وأرفقناه، وزودناه ما يبلغه موطنه!