تلك هي وصيّة الإسرار بالصدقات، وإخفائها عن أعين الناس، بعداً يباذلها عن بواعث الفخار والرياء، وبعداً بأخذها عن عوامل الخجل والاستحياء، حتى إنها كلما خفي مكانها، ازداد عند الله ميزانها!
أليس أحد السبعة الذين يظلّهم الله في ظلّ عرشه يوم القيامة رجل أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه؟!
يروي الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إِلا ظله: الإِمام العادل، وشابٌّ نشأ في عبادة ربّه، ورجل قلبه معلّق في المساجد، ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه، ورجل طلبته امرأةٌ ذات منصب وجمال فقال: إِني أخاف الله، ورجل تصدّق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم بشماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه"(١)!
فإذا كان القصد من إعلانها، إثارة باعثة الخير عند الغير، وفتح باب الأسوة الحسنة، والقدوة الصالحة، لكي يستن الناس بسنته، فيكون حظ المحتاجين أوفر بهذا التعاون على البرّ، فلا بأس بهذا الإعلان!
كما أنه إذا كان يخشى من دوام إخفائها التعرّض لسوء الظن، وفتح باب التهمة الباطلة، فلا بأس كذلك بأن يعلنها على قدر ما تزول به الريبة، ولا سيما في الصدقات الواجبة!