يروي الترمذي وغيره بسند صحيح عن عائشة -رضي الله عنها قالت (١): سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية:{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}! قالت عائشة: أهم الذين يشربون الخمر, ويسرقون؟ قال: "لا يا بنت الصدّيق, ولكنهم الذين يصومون ويُصلّون ويتصدّقون, وهم يخافون ألا تُقْبل منهم:{أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}(المؤمنون: ٦١)!
ولقد ضرب الله لنا في كتابه العزيز مثلاً من صنيع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (٨)} (الإنسان)!
وكانوا مع ذلك يقولون: {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (١٠) فَوَقَاهُمُ الله شرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (١١)} (الإنسان)!
هذه الوصيّة الواجبة على المتصدّقين، أن يتّخذوا في عطائهم ذلك الأسلوب الرحيم الكريم، لخجل الرجل الخاضع المتواضع، يضيف القرآن الكريم إليها وصيّة أخرى غير ملزمة، ولكنها يزداد بها الإحسان إحساناً، وتزيد بها كرامة الفقراء حفظاً وصوناً!