وهذا رجل آخر، يمنحك من فضله ونواله، لا ليكرمك، ولكن ليستعبدك ويستخدمك!
يحاول أن يشتري ضميرك وذمتك، أو لسانك وقلمك، أو يدك وساعدك .. فإن لم يكن يريد أن يضربك؛ فإنه يضرب بك، لا ليضرب بك عند الباطل، وينصر بك كلمة الحق، ولكن ليحارب بك الله ورسوله، ويصدّ بك عن سبيله، فتلك هي النفوس الشيطانيّة، التي وصف الله لنا أمثالها في القرآن الكريم: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (٣٦)} (الأنفال)!
وطائفة من الناس تراها تنفق عن سعة، وتبذل عن سخاء، ولا تبتغي بأموالها شراً، ولا تضمر لأحد غدرًا؛ ولكنها تخضع لشهوة خفيّة من حبّ الظهور، وطلب السمعة المحبّبة عند الآخرين، فذلك هو الرياء الذي وصفه الله لنا في كتابه المجيد، كيف يحبط الصدقات، كما تهلك النار الزروع والثمار: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢٦٦)} (البقرة)!
وطائفة أخرى تجعل مبرّاتها مقايضة ومبادلة، تسدّ بها ديناً سابقاً من الجميل والمعروف، أو تفتح بها ديناً جديداً، تتقاضى فيه مكافأة، الحسنة بمثلها أو بأحسن منها .. !