للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجلٌ يُسْمِعَهموه؟ فقال عبد الله بن مسعود: أنا، قالوا: إِنا نخشاهم عليك، إِنما نريد رجلاً له عشيرةٌ يمنعونه من القوم إِن أرادوه! قال: دعوني فإِن الله سيمنَعُني! قال: فغدا ابن مسعود، حتى أتى المقام في الضحى، وقريش في أنديتها، حتى قام عند المقام، ثم قرأ: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم"! رافعاً بها صوته: {الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢)} (الرحمن)! قال: ثم استقبلها يقرؤها، قال: فتأمّلوه، فجعلوا يقولون: ماذا قال ابن أمِّ عبد؟ قال: ثم قالوا: إِنه ليتلو بعض ما جاء به محمد، فقاموا إِليه، فجعلوا يضربون في وجهه، وجعل يقرأ، حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ! ثم انصرف إِلى أصحابه، وقد أثّروا في وجهه، فقالوا له: هذا الذي خشينا عليك، فقال: ما كان أعداء الله أهون منهم الآن، ولئن شئتم لأغادينّهم بمثلها غداً، قالوا: لا، حسبك، قد أسمعتهم ما يكرهون (١)!

ويطالعنا ما رواه الشيخان وغيرهما عن عبد الله قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: اقرأ عليّ: قلت: أأقرأ عليك، وعليك أنزل؟ قال: لا فإِنّي أحبّ أن أسمعه من غيري "! فقرأت عليه سورة النساء، حتى بلغت: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (٤١)} (النساء)! قال: " أمسك "! فإِذا عيناه تذرفان! (٢)!


(١) السيرة النبويّة: ابن هشام: ١: ٣٨٨، وقد صرح ابن إسحاق بالسماع. وسنده مرسل عن عروة، وانظر: الطبري: التاريخ: ٢: ٣٣٤ - ٣٣٥.
(٢) البخاري: ٦٥ - التفسير (٤٥٨٢)، وانظر (٥٠٤٩، ٥٠٥٠، ٥٠٥٥، ٥٠٥٦)، ومسلم (٨٠٠)، وابن أبي شيبة: ١٠: ٥٦٣، وأحمد: ١: ٣٨٠، ٤٣٣، وأبو داود (٣٦٦٨)، والترمذي (٣٠٢٨)، والشمائل (٣١٦)، والبغوي (١٢٢٠)، والطبراني (٨٤٦٢، ٨٤٦٣، ٨٤٦٧)، وابن حبان (٧٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>