للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إننا نبصر قوة الإيمان في حياة هؤلاء السابقين، أهل القرآن، الذين استطاعوا في مثل سرعة الضوء أن يضيئوا الضمير الإنساني بحقيقة التوحيد!

ونبصر كيف دمدم هؤلاء على العالم القديم بإمبراطورياته وصولجانه، وحوّلوه إلى كثيب مهيل؟

ولو لم يكن من آثار الاستسرار بالدعوة، وسداد حكمتها إلا أنها جذبت في أوّل خطواتها إلى ساحة الإيمان بالرسالة والرسول - صلى الله عليه وسلم - هؤلاء السابقين لكفاها نُجحاً وتوفيقاً وسدادًا!

وقد جذبت إلى ساحتها في السنة الثانية من البعثة -كما قال ابن حجر (١) حمزة بن عبد المطلب، وهو أعزّ فتى في قريش، وأشد شكيمة، عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخوه من الرضاع، وابن خالته نسباً ومنزلة، فأمه هالة بنت وهيب ابن عبد مناف بن زهرة، ابن عم آمنة بنت وهب بن عبد مناف، أم سيّد الخلق، محمد - صلى الله عليه وسلم -!!

وقد ذكر ابن إسحاق وغيره قصة إسلام حمزة رضي الله عنه، وذكر أن الداعي الأول هو الحميّة القوميّة الغاضبة لدفع الإساءة التي وجّهت ظلماً لابن أخيه محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، من أحد أحلاس الغرور الوثنيّ الفاجر، ولكن الله تعالى في تقديره الأزلي، وغيبة المحجوب عن رؤى الناس جعل من هذه الحميّة العصبيّة الخير كله لحمزة رضي الله عنه للإسلام والمسلمين، فأسلم حمزة لما أراده الله به من المنزلة التي هو أهل لها في الإسلام (٢)!


(١) انظر: الإصابة: ٢: ٣٧ (١٨٢٢).
(٢) انظر: ابن هشام: السيرة النبويّة: ١: ٣٦٠ وما بعدها، وقد صرح بالسماع، وسنده منقطع، وابن سعد: ٣: ٩ من طريق الواقدي، والطبراني عن محمَّد بن كعب القرظي =

<<  <  ج: ص:  >  >>