الثانية: أن تكون (جامعة)، أي محيطة بأطوار الحياة ومناحيها وجميع شمائلها!
الثالثة: أن تكون (كاملة)، أي متسلسلة لا تنقص شيئاً من حلقات الحياة!
الرابعة: أن تكون (عمليّة)، أي أن تكون الدعوة إلى المبادئ والفضائل والواجبات بعمل الداعي وأخلاقه، وأن يكون كل ما دعا إليه بلسانه قد حقّقه بسيرته، وعمل به في حياته الشخصية والعائليّة والاجتماعيّة، فأصبحت أعماله مُثلاً عليا للناس، ومن ثم تكون الأسوة!
وكل هذه الأمور موجودة في سيرة محمد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وليس معنى هذا أن سير الأنبياء قد صفرت من تلك الخصال مدة وجودهم في الحياة الدنيا، بل إن سيرتهم التي توجد الآن بين أيدي الناس قد أصابها التحريف، ودخلها التخريف، ومن ثم فهي لا تنصّ على هذه الأمور!
ولعل الحكمة في ذلك ترجع إلى أن أولئك الأنبياء إنما بعثوا لأزمانهم وشعوبهم، فكان الموفّقون للخير من شعوبهم في أزمانهم يرون سيرتهم، ومن ثم تكون الأسوة .. ولم تكن هناك حاجة إلى أن تبقى سيرتهم معلومة للأجيال التالية بعدهم؛ لأن النبوات ستختم برسالة خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - الكاملة إلى الناس كافة، في كل زمان ومكان، وجيل وقبيل، وعصر ومصر .. فكانت الحاجة ماسة إلى أن تكون سيرته - صلى الله عليه وسلم - معلومة على حقيقتها إلى يوم القيامة؛ ليتيسّر التأسّي بها لجميع أمم الأرض، وهذا من أصدق البراهين العملية والسلوكيّة على كون خاتم النبيّين محمد - صلى الله عليه وسلم - لا نبيّ بعده!
ولقد شهدت الدنيا أصدق شهادة، ثم ازداد ذلك ثبوتاً على الأيّام بأن الدّين القيّم لم يقتصر على مجرد حفظ سيرة خاتم النبيّين - صلى الله عليه وسلم -، بل توسّع في