للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك إلى ما يتعلق بها من كل النواحي، وصان هذه الأمانة القدسيّة، فلم تقترب منها يد الضياع، ولم تعبث بها عوامل الدهر، إلى درجة أن العالم كله يقف من ذلك موقف العجب!

والذين وقفوا حياتهم منذ العصر النبوي على حفظ أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورواية أحاديثه، وكل ما يتعلق بحياته أدّوها إلى من ضبطوها بعدهم، وكتبوها، وهم طبقات معروفة من الصحابة، والتابعين، وتابعيهم بإحسان .. فلما تمّت هذه الذخيرة التاريخية جمعاً وكتابة وتدويناً، وفق أصول التحديث رواية ودراية، جعل العلماء يكتبون سير هؤلاء الرواة من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم من الأئمة الذين رووا شيئاً مما يتعلق بحياة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فكتبوا أسماءهم وكناهم، وأنسابهم، ومنشأهم، وأخلاقهم، وعاداتهم .. وبالجملة شؤون حياتهم، حتى أصبح ما كتبوا في هذا الباب علماً مستقلاً!

وقد ادّعى الألماني المعروف الدكتور (سبرنكو) أنه أول أوروبّي كتب في سيرة محمد - صلى الله عليه وسلم -، معتمداً على المصادر العربيّة الأولى، ولم يعتمد في تأليفه إلا عليها، مع أنه في الحقيقة لم يكتب دفاعاً عن صاحب الرسالة - صلى الله عليه وسلم -، بل كان متحاملاً، إلا أنه قال في مقدمته على كتاب (الإصابة) المطبوع في (كلكتا) ١٨٥٣ - ١٨٦٤ م: (لم تكن فيما مضى أمّة من الأمم السالفة، كما أنه لا توجد الآن أمّة من الأمم المعاصرة أتت في علم أسماء الرجال بمثل ما جاء به المسلمون في هذا العلم العظيم الخطر)!

وقد توفّي النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان (١)، من رجل وامرأة!


(١) انظر: الإصابة: ١: ٢ - ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>