ومن هؤلاء عشرة آلاف صحابي، مذكورة أسماؤهم وأحوالهم في الكتب التي أفردت للتدوين؛ لأن كل واحد منهم حفظ شيئاً من أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وهديه وسيرته!
وبعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقي فريق من كبار الصحابة إلى سنة (٤٠ هـ)، وبقي بعد ذلك من الصحابة الذين كانوا أحداثاً في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - عدد غير قليل .. فلما انقرض ذلك الجيل لم يبق من الصحابة أحد، وانطفأ سراج أُوقد بنور النبوّة!
وجاء دور التابعين الذين هم تلاميذ الصحابة، والذين ينزلون المنزلة الثانية بعدهم في تبليغ الدعوة، وحمل الرسالة المحمديّة إلى الأنحاء النائية، والبلاد المترامية الأطراف، ولم يكن لهم همّ في الدنيا إلا حفظ الدين، ونشر أحكامه، وتعميم سننه وآدابه، والتعريف بسيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهديه!
فقد ذكر ابن سعد في الطبقات (١٣٩) من التابعين أهل الطبقة الأولى الذين كانوا في المدينة!
وذكر (١٢٩) من الطبقة الثانية الذين أدركوا عامة الصحابة ورووا عنهم!
أما الطبقة الثالثة من التابعين فهم الذين حظي الواحد منهم برؤية صحابي واحد، أو عدة من الصحابة، وعدد هؤلاء (٨٧)، فمجموع التابعين (٣٥٥) في مدينة واحدة، وهي مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم -!
فقيسوا على ذلك عدد الذين أخذوا عن الصحابة في المدن الإسلاميّة، التي انتشر الصحابة فيها من مكة إلى الطائف، والبصرة، والكوفة، ودمشق، واليمن، ومصر، وغيرها .. وهؤلاء لم يكن لهم همّ إلا نشر رسالة الإسلام، وتبليغ أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وهديه وسيرته!