للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البشر، وهم كانوا يحسّون هذا بذوقهم في الكلام، وكانوا لا يملكون أنفسهم من التأثّر بالقرآن .. كما كانوا يعلمون عن محمد - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة أنه (الصادق الأمين) الذي لا يكذب ولا يخون -كما أسلفنا- فكيف به يكذب على الله، وينسب إليه قولاً لم يقله؟!

ولكنه العناد والخوف على مراكزهم الاجتماعيّة المستمدة من واقعهم الذي يعيشونه، كان يجنح بهم إلى هذه المناورات يطلقونها في وسط جمهور الرب، الذين قد لا يميزون بين الكلام، ولا يعرفون درجته!

{إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ}!

قيل: إنهم عبيد أعاجم ثلاثة أو أكثر، هم الذين كانوا يعنونهم بهذه المقالة! وهو كلام متهافت تافه لا يقف للجدال!

فإن كان بشر يملك أن يفتري مثل هذا القرآن بمعاونة قوم آخرين، فما يمسكهم عن الإتيان بمثله، مستعينين بأقوام منهم، ليبطلوا حجة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهو يتحدّاهم به وهم عاجزون؟!

ومن ثم لا يجادلهم هنا ولا يناقشهم في هذا القول المتهافت، إنما يدفعهم بالوصف البارز الثابت: {فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا}!

ظلماً للحق، ولمحمد - صلى الله عليه وسلم -، ولأنفسهم، وزورًا واضح الكذب ظاهر البطلان!

ثم يمضي في استعراض مقولاتهم عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعن القرآن: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٥)}!

ذلك لما وجدوا فيه من قصص الأوّلين التي يسوقها للعبرة والعظمة، وللتربية والتوجيه، وهذا استطراد في دعواهم التي لا تقوم على أساس، ولا تثبت للمناقشة!

<<  <  ج: ص:  >  >>