كان هذا المدلول واقعاً يشهده الملأ من قريش، ويحسّون خطره عليهم، وعلى الأوضاع الاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة التي يقوم عليها كيانهم!
وهذا ما كان يقضّ مضاجع الملأ من قريش، فيقاومونه بشتّى الأساليب .. ومنها هذا الأسلوب .. أسلوب ادعاء أن القرآن الكريم أساطير الأولين، وأنهم لو شاءوا لقالوا مثله!
ذلك مع تحدّيهم به مرّة ومرّة ومرّة، وفي كل مرّة يعجزون ويَخْنسون!
والأساطير واحدتها أسطورة، وهي الحكاية المتلبسة غالباً بالتصوّرات الخرافيّة، وأقاصيص القدامى وبطولاتهم الخارقة، وعن الأحداث التي تتخللها أساساً تصوّرات الخيال والخرافة!
وقد كان الملأ من قريش يعمدون إلى ما في القرآن من قصص الأوّلين، وفعل الله بالمكذّبين وإنجائه للمؤمنين .. إلى آخر ما في القصص القرآني من هذه "الموضوعات" وقد سجّل القرآن تطاولهم، وردّ عليهم بما يظهر سخف هذا التطاول وكذبه: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (٤) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٥) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (٦)} (الفرقان)!
وأكذب شيء أن يقول كفّار قريش هذه المقالة، وهم يوقنون في أنفسهم أنها الفرية التي لا تقوم على أساس (١) .. فما يمكن أن يخفى على كبرائهم الذين يلقنونهم هذا القول أن القرآن الذي يتلوه عليهم محمد - صلى الله عليه وسلم - شيء آخر غير كلام