الجواب وقع على أحسن الوجوه، وبيانه أن السؤال عن الروح يحتمل عن ماهيته، وهل هي متحيّزة أم لا؟ وهل هي حالة في متحيّز أم لا؟ وهل هي قديمة أو حادثة؟ وهل تبقى بعد انفصالها من الجسد أو تفنى؟ وما حقيقة تعذيبها ونعيمها؟ وغير ذلك من متعلقاتها؟
وليس في السؤال ما يخصّص أحد هذه المعاني، إلا أن الأظهر أنهم سألوه عن الماهية، وهل الروح قديمة أو حادثة؟!
والجواب يدل على أنها شيء موجود مغاير للطبائع والأخلاط وتركيبها، فهو جوهر بسيط مجرد لا يحدث إلا بمحدث، وهو قوله تعالى {كُنْ} فكأنه قال: هي موجودة محدثة بأمر الله وتكوينه، ولها تأثير في إفادة الحياة للجسد، ولا يلزم من عدم العلم بكيفيتها المخصوصة نفيه!
قال: ويحتمل أن المراد بالأمر في قوله: {مِنْ أَمْرِ رَبِّي} الفعل، كقوله:
{وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (٩٧)} (هود)!
أي فعله، فيكون الجواب الروح من فعل ربّي!
وإن كان السؤال هل هي قديمة أو حادثة؟ فيكون الجواب إنها حادثة!
إلى أن قال: وقد سكت السلف عن البحث في هذه الأشياء، والتعمّق فيها!
وغاب عن هؤلاء أن المنهج الأقوم في هذا الدّين في حدود ما يستطيع الإدراك البشري بلوغه ومعرفته (١)؛ فلا يبدّد الطاقة العقليّة التي وهبها الله للناس فيما لا ينتج ولا يثمر!
وليس في هذا حجر على العقل البشري أن يعمل، ولكن فيه التوجيه لهذا