فأقبل النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي مُعيط بن أبي عمرو بن أميّة ابن عبد شمس بن عبد مناف بن قُصيّ، حتى قدما مكّة على قريش، فقالا: يا معشر قريش، قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد، قد أخبرنا أحبار يهود أن نسأله عن أشياء أَمَرُونا بها، فإن أخبركم عنها فهو نبيّ، وإن لم يفعل فالرجل متقوّل، فرَوْا فيه رأيكم!
فجاؤوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا محمد، أخبرنا عن فتية ذهبوا في الدهر الأول، قد كانت لهم قصة عجب!
وعن رجل كان طوّافاً قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها!
وأخبرنا عن الرّوح ما هي؟
قال: فقال لهم - صلى الله عليه وسلم -:" أخبركم بما سألتم عنه غداً " ولم يستثن، فانصرفوا عنه.
فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم -فيما يذكرون- خمس عشرة ليلة، لا يُحْدث الله إليه في ذلك وحياً؟، ولا يأتيه جبريل، حتى أرجفَ أهل مكة وقالوا: وعَدنا محمد غداً، واليوم خمس عشرة ليلة، قد أصبحنا منها، لا يخبرنا بشيء، مما سألناه عنه، وحتى أحزنَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مُكْث الوحي عنه، وشقّ عليه ما يتكلّم به أهل مكة!
ثم جاءه جبريل من الله عزَّ وجلَّ بسورة أصحاب الكهف. فيها معاتبته إيّاه على حزنه عليهم. وخبر ما سألوه عنه من أمر الله: الفتية، والرجل الطوَّاف، والروح! (١)