فلما قال لهم ذلك النضر بن الحارث بعثوه، وبعثوا معه عقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة، وقالوا لهما:
سلاهم عن محمد، وصفا لهم صفته، وأخبراهم بقوله. فإنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم علمَ ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتَّى قدما المدينة، فسألا أحبار يهود عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووصفا لهم أمره، وأخبراهم ببعض قوله. وقالا لهم:
إنكم أهل التوراة، وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا،، فقالت لهما أحبار يهود: سلوه عن ثلاث نأمركم بهن، فإن أخبركم بهن فهو نبيّ مرسل، وإن لم يفعل فالرجل متقوّل، فَرَوْا فيه رأيكم!
سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول، ما كان أمرهم، فإنه قد كان لهم حديث عجيب؟
وسلوه عن رجل طوَّاف، قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها، ما كان نبؤه؟
وسلوه عن الرُّوح، ما هي؟
فإذا أخبركم بذلك فاتّبعوه، فإنه نبيّ، وإن لم يفعل، فهو رجل متقوّل، فاصنعوا في أمره ما بدا لكم!