يلتقطها شريط متحرّك، والشمس تطلع على الكهف فتميل عليه كأنها متعمدة، ولفظ {تَزَاوَرُ} تصوّر مدلولها، وتلقي ظلال الإرادة في عملها، والشمس تغرب فتجاوزهم إلى الشمال وهم في فجوة منه .. ويعلق على وضعهم بأحد التعليقات القرآنيّة التي تتخلل لتوجيه القلوب {ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ} وضعهم هكذا في الكهف والشمس لا تنالهم بأشعّتها وتقرب منهم بضوئها، وهم في مكانهم لا يموتون ولا يتحركون: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (١٧)} هو وللهدى والضلال ناموس، فمن اهتدى بآيات الله فقد هداه الله وفق ناموسه، وهو المهتدي حقًّا، ومن لم يأخذ بأسباب الهدى ضلّ، وجاء ضلاله وفق الناموس الإلهي فقد أصله الله إذن، ولن تجد له من بعد هادياً!
ويمضي السياق يكمل المشهد العجيب، وهم يقلبون من جنب إلى جنب في نومتهم الطويلة، فيحسبهم الرائي أيقاظاً وهو رقود، وكلبهم -على عادة الكلاب- باسط ذراعية بالفناء قريباً من باب الكهف كأنه يحرسهم، وهم في هيئتهم هذه يثيرون الرعب في قلب من يطلع عليهم، إذ يراهم نياماً كالأيقاظ، يتقلّبون ولا يستيقظون، وذلك من تدبير الله، كي لا يعبث بهم عابث، حتى يجري الوقت المعلوم!