ذلك كان موقفهم مع أنبيائهم، يبيّنه ويقرّره، ثم يجابههم بموقفهم من الرسالة الأخيرة والشعبي الخاتم، فإذا هم هم، كأنهم أولئك الذين جابهوا الأنبياء من قبل: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (٨٨)}!
ويعنف الأسلوب ويشتد، ويتحوّل -في بعض المواضع- إلى صواعق وحمم .. يجبههم جبهاً شديداً بما قالوا وما فعلوا، ويجرّدهم من كل حججهم ومعاذيرهم، التي يسترون بها استكبارهم عن الحق، وأثرتهم البغيضة. وعزلتهم النافرة، وكراهتهم لأن ينال غيرهم الحق، وحسدهم أن يؤتي الله أحداً من فضله، جزاء موقفهم الجحودي المنكر من الإسلام ورسوله الكريم!
قالوا: إن قلوبنا مغلقة، لا تنفد إليها دعوة جديدة، ولا تستمع إلى داعية جديد!
قالوها تيئيساً لخاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم -، من دعوتهم إلى الدّين القيّم، أو تعليلاً لعدم استجابتهم لدعوة محمد - صلى الله عليه وسلم -!
ويطالعنا الرد على قولهم:{بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ} أي إنه طردهم وأبعدهم عن الهدى بسبب كفرهم، فهم قد كفروا ابتداء فجازاهم الله على الكفر بالطرد وبالحيلولة بينهم وبين الانتفاع بالهدى: {فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (٨٨)} أي قليلاً ما يقع منهم الإيمان بسبب هذا الطرد الذي حقّ عليهم جزاء كفرهم السابق، وضلالهم القديم .. أو هذه حالهم: أنهم كفروا فقلما يقع منهم الإيمان، حالة لاصقة بهم يذكرها تقريراً لحقيقتهم .. وكلا المعنين يتفق مع المناسبة والموضوع!