كانوا هم أوّل من أعان عليه أعداءه، وأوّل من عاب الإِسلام، وحاولوا بثّ الفرقة والفتنة في الصفّ المسلم، مخالفين ما عاهدوا المسلمين عليه!
وبئس هي خلّة من اليهود! تقابلها في المسلمين خلّة أخرى على النقيض!
وهنا نذكر ما رواه الشيخان وغيرهما من حديث طويل عن إبراهيم التّيْمي عن أبيه قال:
قال علي -رضي الله عنه -: .. وفيه:"وذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفٌ ولا عدلاٌ"(١).
وهكذا نبصر المسلمين تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، يسعى بذمّتهم أدناهم، فلا يخيس أحد بعهده إذا عاهد، ولا ينقص أحد عقده إذا أبرم، ولقد كتب أبو عبيدة رضي الله عنه، وهو قائد لجيش عمر -رضي الله عنه -، وهو الخليفة يقول: إن عبداً من أهل بلد بالعراق، وسأله رأيه، فكتب إليه عمر: إن الله عظم الوفاء، فلا تكونون أوفياء حتى تفوا .. فوالهم وانصرفوا عنهم.!
وتلك سمة الجماعة الكريمة المتماسكة المستقيمة .. وذلك فرق ما بين اليهود الفاسقين وأخلاق المسلمين الصادقين: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٠١)} [البقرة: ١٠١]!
(١) البخاري: ٨٥ - الفرائض (٦٧٥٥)، وانظر (٣١٧٢)، ومسلم (١٣٧٠)، وأحمد: ١: ٨١، والترمذي (٢١٢٧)، وأبو داود (٢٠٣٤)، وأبو يعلى (٢٦٣، ٢٩٦)، والبيهقي: ٥: ١٩٦، والبغوي (٢٠٠٩)، وابن حبان (٣٧١٦، ٣٧١٧).