به خَنْقاً شديداً، فجاء أبو بكر، حتى دفعه عنه، فقال:{أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ}(غافر: ٢٨)!
وفي رواية: قال: قلت له: ما أكثر ما رأيْتَ قريشاً أصابت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيما كانت تُظْهرُ من عداوته، قال: قد حَضَرْتُهم وقد اجتمع أشرافهم في الحِجْر، فذكروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: ما رأيْنا مِثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قطّ، سفَّه أحلامنا، وشَتَم آباءنا، وعابَ ديننَا، وفرّق جماعتنا، وسبَّ آلهتنَا، لقد صبرنا منه على أمر عظيم، أو كما قالوا، قال: فبينما هم كذلك، إِذ طلع عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأقبل يمشي، حتى استلم الركن، ثم مرّ بهم طائفاً بالبيت، فلما أن مرّ بهم غَمزوه ببعض يقول! قالوا: فعرفت ذلك في وجهه، ثم مضى! فلمَّا مرّ بهم الثانية، غمزوه بمثلها، فعرفت ذلك في وجهه، ثم مضى! ثم مرّ بهم الثالثة، فغمزوه بمثلها، فقال:"تسمعون يا معشر قريش، أما والذي نفسُ محمَّد بيده، لقد جئتكُم بالذّبح"! فأخذت القومَ كلمته، حتى ما منهم رجل إِلا كأنما على رأسه طائرٌ واقع، حتى إِن أشدَّهم فيه وصَاةً قبل ذلك لَيرْفؤُهُ بأحسن ما يجد من القول، حتى إِنه ليقول: انَصِرفْ يا أبا القاسم، انصرف راشدًا، فوالله! ما كنت جهولاً! قال: فانصرف رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى إِذا كان الغَدُ، اجتمعوا في الحِجْر وأنا معهم، فقال بعضُهم لبعض: ذكرتُم ما بلغ منكم، وما بلغكُم عنه، حتى إِذا ما بادأكُم بما تكرهون تركُتموه، فبينما هم في ذلك، إِذ طلع عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوثبوا إِليه وثبةَ رجل واحد، فأحاطوا به، يقولون له: أنت الذي تقول كذا وكذا؟ لمِا كان يبلغهم عنه من عيْب آلهتهم ودينهم! قال: فيقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نَعم، أنا الذي أقول