للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أول وهلة بأن ما جاء في هذا الكتاب المجيد عامة، وفي هذه السورة خاصة من أمر ونهي، ووعد ووعيد وترغيب وترهيب، وقصص وأحداث، وآيات وعجائب، وتوجيه نظر إلى دلائل القدرة الإلهية في آيات الكون في الآفاق وفي الأنفس، إنما هو رحمة من الله تعالى بعباده، يدعوهم بها لينقذهم من الظلمات إلى النور، ويخرجهم من ضلالات الجهالة إلى هدى العلم والمعرفة!

ثم بيّنت السورة أن هذا القرآن فصّلت آياته بأسلوب عربي بيّن يبشّر وينذر، ثم تحدّثت عن فريق من الناس صمّوا آذانهم عن سماع الحق، وأغلقوا دون هدايته قلوبهم عناداً واستكباراً في الأرض بغير الحق، وأقاموا على عنادهم، وظلّوا في طغيانهم يعمهون، فلم تتألفهم البشائر، ولم ترْدَعهم النذارة! ثم ذكرت السورة أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - بشر مثل سائر البشر في طبيعته البشرية، لا يمتاز عنهم بشيء سوى أنه رسول من الله يوحى إليه بتوحيد الله تعالى، فلا يطلب بما جاء به مالاً، ولا سيادة، ولا شرفاً، ولا ملكاً مما يتطلع إليه عبيد الدنيا، وإنما يطلب من عباد الله أن يستقيموا مع ربهم، فيفردوه بالعبادة ويستغفروه من الذنوب والآثام!

والسورة تخاطب هؤلاء المعاندين بأسلوب تعجبي، ينكر عليهم موقفهم المتبلّد بالجمود من قوارع الآيات، ليوجه عقولهم إلى النظر في الآيات الأرضية!

أولاً: لقربها إلى نظر المخاطبين، ثم تنتقل السورة إلى توجيه النظر!

ثانياً: إلى الآيات السماويّة، لظهور دلائلها لأبصارهم وسائر منافذ حسّهم وحاجتها إلى التأمّل الصادق المتعمّق ببصائرهِم، وذلك في نحو قوله تعالى: {وقُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ في يَوْميْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>