والآيات تذكر خلق الأرض في يومين برهاناً على التوحيد وخلع الأنداد، وأن الله تعالى الذي أبدع بقدرته هذه الأرض هو ربّ العالمين، الذي ربّاهم على موائد فضله وإحسانه، وأنه تعالى حفظ الأرض بما جعل فيها من الرواسي، وأنه بارك فيها بما أمدّها من رحمته، وبما أنشأ فيها من ثمرات وزروع، جعلها قوتاً لعباده، وحفظاً لحياتهم، وتمم ذلك في يومين، وقامت الأرض بما عليها وما فيها في أربعة أيام من أيام الله -سبحانه وتعالى!
ثم بيّنت الآيات أن الله تعالى بعلمه المحيط وقدرته القاهرة قصد قصداً تكوينياً، فجعل السماء التي كانت دخاناً لا يتماسك ولا يستقر، فسواها بقدرته بناء متماسكاً وسقفاً محفوظاً، في يومين من إيَّامه، وبذلك تمّ عده أيّام للخلق للسموات والأرض ستة أيام، وقد تكرّرت هذه العدة في القرآن الكريم.
ولما استتمت الآيات ذكر براهين القدرة الإلهية الحسية والعقليّة، السماويّة والأرضيّة، المقتضية ببداهة العقل توحيد الألوهية، وتفريد الله تعالى خالق الأرض والسموات، وما جعل فيها من آيات وأسرار بالتعبّد له، ولم يبق لهؤلاء المعاندين الذين خوطبوا بالآيات المذكورة بالأسلوب التعجيبي عذر، ولم تقم لهم في كفرهم وجحودهم حجّة ولا شبهة، جاءهم الوعيد يجلجل بالتهديد،