والمتأمل فيما تعنتوا فيه واقترحوه عليه، يرى الحماقة ماثلة في كل حرف مما قالوا، وفي كل كلمة مما اقترحوا، ويرى خرق الرأي، وتفاهة التفكير تتعرّى من رؤوسهم، وتتقاطر من عقولهم، صديد غباء، ويرى دناءة الطموح، وطموح الدناءة، تتعرّى مكشوفة السوآت، بادية العورات، في مقترحاتهم المتعنّتة، فهم لم يطلبوا إلا ينابيع ماء تجري في أوديتهم، ولم يطلبوا إلا جناناً وحدائق من نخيل وعنب وأنهار تجري خلال تلك الجنات تسقيها، ويأكل منها تنابلة مكة، وهم قعود يهجرون!
فإن لم يك هذا ولا ذاك فصواعق تسقط السماء عليهم قطعاً تدمّرهم كما دمرت إخوانهم الماديّين الوثنيّن قبلهم إذ كذّبوا رسل الله وكفروا برسالاته!
فإن لم تستجب -يا محمَّد- لبطوننا وهوس أفكارنا الماديّة المظلمة فخذ لنفسك من ربك، واطلب منه أن يغنيك عن النّصب والكيد في سبيل المعاش، كما ينصب ويكدّ سائر الناس، فليعطك ربك عزًّا دنيويًّا، وترفاً في العيش، وتنعماً يرفّهك في بيت منضد مزخرف بالزينة، مموّه بالذهب، مرقش بالفضّة، منمنم بمتاع الدنيا وزينتها!