للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكن في حديث عاصم بن كُليب، عن أبيه -وله صحبة- عن رجلٍ من الأنصار قال: أصاب النَّاس حاجةٌ شديدةٌ وجهدٌ، فأصابوا غنمًا فانتهبوهَا، فإنَّ قدورَنَا لتغلِي بها إذْ جاءَ رسولُ الله على فرسِهِ، فأكفأَ قدورَنَا بقوسِهِ ثمَّ جعلَ يُرمِّل اللَّحم بالتُّراب، ثمَّ قال: «إنَّ النُّهبة ليستْ بأحلَّ من الميتةِ» رواه أبو داود بإسنادٍ جيِّدٍ على شرطِ مسلمٍ، وترك تسميةِ الصَّحابيِّ لا يضرُّ.

ولا يقال: لا يلزمُ من تتريبِ اللَّحم إتلافُه لإمكان تداركِهِ بالغسلِ لأنَّ سياقَ الحديثِ يشعرُ بإرادةِ المبالغةِ في الزَّجر عن ذلك، وهو كونهم انتهبوا ولم يأخذوا باعتدالٍ، فلو كان بصددِ أن ينتفعَ به بعد ذلك لم يكنْ فيه كبير زجر لأنَّ الَّذي يخصُّ الواحدَ منهم نزرٌ يسيرٌ، فكان (١) إفسادُها عليهم مع تعلُّق قلوبهم بها وحاجتِهِم إليها وشهوتِهِم لها أبلغُ في الزَّجر، قاله في «الفتح» وغيره.

(ثُمَّ قَسَمَ) (فَعَدَلَ) أي: قابل (عَشَرَةً) ولأبي ذرٍّ: «عشرًا» (مِنَ الغَنَمِ بِبَعِيرٍ) لنفاسةِ الإبل إذ ذاك، أو قلَّتها وكثرةِ الغنم، أو كانت هزيلةً بحيث كان (٢) قيمةُ البعير عشر شياهٍ، وحينئذٍ فلا يخالف ذلك القاعدة في الأضاحي في (٣) أنَّ البعيرَ يجزئ عن سبع شياهٍ لأنَّ ذلك هو الغالبُ في قيمة الشَّاة والبعير المعتدلين، فالأصلُ أنَّ البعيرَ لسبعة ما لم يعرضْ عارضٌ من نفاسةٍ ونحوها فيتغيَّر (٤) الحكمُ بحسبِ (٥) ذلك، وبهذا تجتمعُ الأخبارُ الواردةُ في ذلك.

(فَنَدَّ) بفتح الفاء والنون وتشديد الدال، فنفرَ وذهبَ على وجههِ شاردًا (مِنْهَا) من الإبلِ


(١) في (م): «وكان».
(٢) في (د): «كانت».
(٣) في (س): «من».
(٤) في (م): «فيتعين».
(٥) في (م): «بسبب».

<<  <  ج: ص:  >  >>