للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مرتدٍّ وحربيٍّ بالغٍ وأكلهما لأنَّهما غير معصومين، وحدُّ الاضطرارِ أن يصلَ به الجوع إلى حدِّ الإهلاكِ، أو إلى مرضٍ يفضِي إليه، وهذا قولُ الجمهور. قال سيِّدي عبد الله بنُ أبي جمرة -نفعني الله ببركاته-: الحكمة في ذلك أنَّ في الميتة سُمِّية شديدة، فلو أكلها ابتداء لأهلكتْه فشرعَ له أن يجوعَ ليصير في بدنهِ بالجوعِ سُمِّية هي أشدُّ من سُمِّية الميتة (١)، فإذا أكل منها حينئذٍ لا يتضرَّر. قال في «الفتح»: وهذا إن ثبتَ حسنٌ بالغٌ في الحسن. وسقط (٢) قوله: «﴿وَاشْكُرُواْ﴾ … » إلى آخره، في رواية أبي ذرٍّ، وقال بعد: ﴿مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾: «إلى ﴿فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾».

(وَقَالَ) تعالى: (﴿فَمَنِ اضْطُرَّ﴾) متَّصلٌ بذكر المحرَّمات المذكوراتِ قبل، أي: فمن اضْطُر إلى الميتة، أو إلى غيرها (﴿فِي مَخْمَصَةٍ﴾) مجاعةٍ (﴿غَيْرَ﴾) حال (﴿مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ﴾) مائل إلى إثم، أي: غير متجاوزٍ سدَّ (٣) الرَّمق (﴿فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ﴾) لا يؤاخذه (٤) بذلك (﴿رَّحِيمٌ﴾ [المائدة: ٣]) بإباحة المحظور للمعذورِ.

(وَقَوْلُِهُ) بالجرِّ عطفًا على المجرور السَّابق، أو بالرَّفع على الاستئناف: (﴿فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ﴾) دون (٥) ما ذكر عليه اسم غيره من آلهتكم (﴿إِن كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ. وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ﴾) «ما» استفهاميَّة في موضع رفع بالابتداءِ ولكم الخبر، أي: وأيُّ غرضٍ لكم في أن لا تأكلوا (﴿مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم﴾) بُيِّن لكم (﴿مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ﴾) ممَّا لم يحرَّم بقوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: ٣] (﴿إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾) ممَّا حرِّم عليكم فإنَّه حلالٌ لكم في حال الضَّرورة، أي: شدَّة المجاعةِ إلى أكله (﴿وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾) أي: يضلُّون فيحرِّمون ويحلِّلون


(١) في (م): «الميت».
(٢) قال الشيخ قطة : أي: لأبي ذر، كما يفهم من الفرع المزي وغيره، وهو ساقط من قلم الشارح.
(٣) في (د): «حد».
(٤) في (ب) و (د): «يؤاخذ».
(٥) في (د): «أي دون».

<<  <  ج: ص:  >  >>