للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بأهوائهم وشَهَواتهم من غير تعلُّق بشريعةٍ (﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ﴾ [الأنعام: ١١٨ - ١١٩]) بالمجاوزين من (١) الحقِّ إلى الباطلِ، وسقط من قوله: «﴿مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ﴾ … » إلى آخره لابنِ عساكرَ، وقال بعد قوله: ﴿تَأْكُلُواْ﴾: «الآية». وسقط لأبي ذرٍّ من قوله: «﴿وَمَا لَكُمْ﴾» إلى آخر «﴿بِالْمُعْتَدِينَ﴾».

(وَقَوْلُهُ (٢) جَلَّ وَعَلَا: ﴿قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ﴾) أي: آكل يأكلُه، ومحرَّمًا نصبُ صفةٍ لموصوفٍ محذوفٍ، حُذِفَ لدَلالة قوله: على طاعمٍ يطعمُه، أي: لا أجدُ طعامًا محرَّمًا. وعلى طاعِمٍ متعلِّقٌ بـ «محرَّمًا»، ويطعَمُه في موضع جرٍّ صفةً لطاعمٍ (﴿إِلاَّ أَن يَكُونَ﴾) ذلك المحرَّم، وقدَّره أبو البقاء ومكِّي وغيرهما: إلَّا أن يكون المأكولُ أو ذلك (﴿مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا﴾) صفة لدم، والسَّفح: الصَّبُّ، وهو ما خرج من الحيوانات وهي أحياءٌ، أو من الأوداجِ عند الذَّبح، فلا يدخلُ الكبد والطحال لأنَّهما جامدان، وقد جاء الشَّرع بإباحتهمَا، ولا ما اختلطَ باللَّحم من الدَّم لأنَّه غير سائلٍ (﴿أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾) نجسٌ حرامٌ، والهاء في ﴿فَإِنَّهُ﴾ الظَّاهر عودُها على لحم المضاف لخنزيرٍ. وقال ابنُ حزمٍ: على خنزير لأنَّه أقربُ مذكورٍ، ورُجِّحَ الأوَّل بأنَّ اللَّحم هو المحدث عنه، والخنزيرُ جاء بعرَضيَّة (٣) الإضافة إليه، ألا ترى أنَّك إذا قلت: رأيت غلامَ زيدٍ فأكرمته، أنَّ الهاء تعودُ على الغلام لأنَّه المحدث عنه المقصود بالإخبارِ عنه لا على زيدٍ لأنَّه غير مقصودٍ، ورُجِّحَ الثَّاني بأنَّ التَّحريم المضاف للخنزيرِ ليس مختصًّا بلحمهِ بل بشحمهِ (٤) وشعره وعظمه كذلك، فإذا أعدنا الضَّمير على خنزيرٍ كان وافيًا بهذا المقصود، وإذا أعدناهُ على لحمٍ لم يكنْ في الآية تعرُّضٌ لتحريمِ ما عدا اللَّحم ممَّا (٥) ذكر.

وأُجيب بأنَّه إنَّما ذكر اللَّحم دون غيره -وإن كان غيره مقصودًا بالتَّحريم- لأنَّه أهمُّ ما فيه وأكثرُ ما يقصد فيه اللَّحم كغيره من الحيوانات، وعلى هذا فلا مفهوم لتخصيصِ اللَّحم


(١) في (د): «عن».
(٢) في (م): «قال».
(٣) في (م): «بفريضة»، وفي (د): «لفرضية».
(٤) في (ب) و (س): «شحمه».
(٥) في (ص): «بما».

<<  <  ج: ص:  >  >>