للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

نفس ٍشريرةٍ لا تتعذر معارضتُهُ، واختُلف هل له حقيقةٌ أم لَا؟ والصَّحيحُ وهو الَّذي عليه الجمهورُ أنَّ له حقيقة، وعلى هذا فهل له تأثيرٌ فقط بحيث يُغيِّر المزاج فيكونُ نوعًا من الأمراضِ، أو (١) ينتهي إلى الإحالةِ (٢) بحيثُ يصيِّرُ الجمادَ حيوانًا مثلًا وعكسَه، فالَّذي عليه الجمهور هو الأوَّل، وفرَّقوا بين المعجزة والكَرَامة والسِّحر؛ بأنَّ (٣) السِّحر يكونُ بمعاناةِ أقوالٍ وأفعالٍ حتَّى يتمَّ للسَّاحر ما يريدُ، والكرامةُ لا تحتاجُ إلى ذلك بل إنَّما تقعُ غالبًا اتِّفاقًا، وأمَّا المعجزةُ فتمتازُ عن الكرامةِ بالتَّحدِّي.

وقال القرطبيُّ: الحقُّ أنَّ لبعض أصناف السِّحر تأثيرًا في القلوبِ كالحبِّ والبغضِ، وإلقاءِ الخير والشَّرِّ، و (٤) في الأبدانِ بالألم (٥) والسَّقم، وإنَّما المنكرُ أنَّ الجماد ينقلبُ حيوانًا أو عكسه بسحر السَّاحر.

(وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى) بالجرِّ عطفًا على المجرور السَّابق: (﴿وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ﴾) باستعمالِ السِّحر وتدوينه (﴿يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾) أي: كفروا معلِّمين النَّاس السِّحر قاصدين به إغواءَهُم وإضلالَهم، والواو في ﴿وَلَكِنَّ﴾ عاطفةُ جملة الاستدراك على ما قبلَها (﴿وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ﴾) ما موصولٌ بمعنى الَّذي في موضع نصبٍ عطفًا على ﴿السِّحْرَ﴾ أي: يعلِّمون النَّاس السِّحر والمنزل على الملكَين، أو عطفًا على ﴿مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ﴾ أي: واتَّبعوا ما تتلو الشَّياطين وما أنزلَ على الملكَين، وعلى هذا فما بينهما اعتراضٌ أو ما نفي، والجملةُ معطوفةٌ على الجملةِ المنفيَّة قبلها وهي ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ﴾ أي: وما أنزل على الملكَين إباحة السِّحر. قال القرطبيُّ: ﴿مَا﴾ نفي والواو للعطف على قولهِ تعالى: ﴿وَمَا كَفَرَ﴾ والتَّقدير: وما أنزلَ على الملكَين ولكنَّ الشَّياطين كفروا يعلِّمون الناس السِّحر (﴿بِبَابِلَ﴾) اسم أرضٍ، وهي بابل العراق، وسمِّيت بذلك لتبلبُل الألسُن بها عند سقوطِ صرح نمروذ، وقيل: إنَّ الله تعالى أمر ريحًا تحشرُهُم (٦) بهذه الأرضِ، فلم


(١) في (م): «و».
(٢) في (د): «حالة».
(٣) في (ص): «فإن».
(٤) «الواو»: ليست في (ص) و (م).
(٥) في (ب): «كالألم».
(٦) في (ص): «بحشرهم»، وفي (م): «فحشرهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>