للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يَدْرِ أحدهُم (١) ما يقولُ الآخرُ، ثمَّ فرَّقهم الرِّيح في البلاد فتكلَّم كلُّ أحدٍ بلغتهِ، وهو متعلِّقٌ بأنزلَ والباء بمعنى في، أي: في بابل، ويجوزُ أن يكون في محلِّ نصبٍ على الحال من الملكَين، أو من الضَّمير في أنزل، فيتعلَّق بمحذوفٍ (﴿هَارُوتَ وَمَارُوتَ﴾) بدلٌ من ﴿الْمَلَكَيْنِ﴾ وجُرَّا بالفتحةِ لأنَّهما لا ينصرفان للعجمة والعلمية، أو عطف بيان (﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ﴾) هاروتَ وماروتَ (﴿مِنْ أَحَدٍ﴾) الظَّاهر أنَّه الملازم للنَّفي وهمزتُهُ أصلٌ بنفسها، وأجازَ أبو البقاء أن يكون بمعنى واحدٍ، فتكون همزتُه بدلًا من واو (﴿حَتَّى يَقُولَا﴾) حتَّى ينبهاهُ وينصحاهُ يقولا له: (﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾) أي: ابتلاءٌ واختيارٌ من الله تعالى ليتميَّز (٢) المطيع من العاصي، كقولك: فتنتُ الذَّهب بالنَّار إذا عرضتهُ عليها ليتميَّز الخالصُ من المشوب (﴿فَيَتَعَلَّمُونَ﴾) عطف على ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ﴾ والضَّمير في ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ﴾ لما دلَّ عليه من أحد، أي: فيتعلَّم النَّاس (﴿مِنْهُمَا﴾) من الملكَين (﴿مَا﴾) أي: الَّذي (﴿يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾) وهو علمُ السِّحر الَّذي يكون سببًا في التَّفريق بين الزَّوجين بأن يُحدِث اللهُ عندهُ النُّشوز والخلاف ابتلاء منه، وللسِّحر حقيقةٌ عند أهل السُّنَّة، وعند المعتزلة هو تخييلٌ وتمويهٌ، وقيل: التَّفريق إنِّما يكون بأن يعتقدَ أنَّ ذلك السِّحر مؤثِّرٌ في هذا التَّفريق، فيصيرُ كافرًا وإذا صار كافرًا بانَتْ منه زوجتُه (﴿وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ﴾) بالسِّحر (﴿مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ﴾) ﴿مَا﴾ حجازيَّة فـ ﴿هُم﴾ اسمُها و ﴿بِضَآرِّينَ﴾ خبرُها، والباء زائدةٌ فهو في محلِّ نصب، أو تميميَّة فـ ﴿هُم﴾ مبتدأ و ﴿بِضَآرِّينَ﴾ خبرُه، والباء زائدة أيضًا، فهو في محلِّ رفعٍ، والضَّمير فيه عائدٌ على السَّحرة العائد عليهم ضمير ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ﴾ أو على اليهودِ العائد عليهم ضمير ﴿وَاتَّبَعُواْ﴾ أو يعودُ على ﴿الشَّيَاطِينُ﴾ والضَّمير في ﴿بِهِ﴾ يعودُ على ﴿مَا﴾ في قوله: ﴿مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ﴾ وقوله: ﴿إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ﴾ استثناءٌ مفرَّغٌ من (٣) الأحوالِ فهو في موضعِ نصبٍ على الحالِ وصاحبه الفاعل المُستكن في ﴿بِضَآرِّينَ﴾ أو المفعول وهو ﴿أَحَدٍ﴾ لجواز مجيء الحال (٤) من النَّكرة لاعتمادهَا على النَّفي، أو الهاء في


(١) في (م): «أحد».
(٢) في (د): «ليميز».
(٣) في (ب) زيادة: «أعم».
(٤) في (د) و (م): «مجوزات»، وفي (ج) و (ل): «يجوز إلى الحال».

<<  <  ج: ص:  >  >>