للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مدحُ البيان والحثُّ على تحسينِ الكلام، وتحبيرِ (١) الألفاظ.

وروي عن عمر بن عبد العزيز : أنَّ رجلًا طلب إليه حاجةً كان يتعذَّر عليه إسعافه بها، فاستمال قلبه بالكلام ثمَّ أنجزها له، ثمَّ قال: هذا هو السِّحر الحلالُ والأحسن. كما قال الخطَّابيُّ: إنَّ هذا الحديث ليس ذمًّا للبيان ولا مدحًا له لقوله: «من البيان» فأتى بلفظ «مِن» التَّبعيضيَّة وبالتَّصريح أيضًا به، وقد اتُّفِقَ على مدحِ الإيجازِ والإتيانِ بالمعاني الكثيرة بالألفاظِ اليسيرة.

وقال في «شرح المشكاة»: والحقُّ أنَّ الكلامَ إذا كان ذا وجهين (٢) يختلفُ بحسب المغزى والمقاصد لأنَّ موردَ المَثَل على ما روي عنه (٣) في قصَّة الزِّبْرقان وعَمرو كان استحسانًا، لكن تعقَّبَ في «الفتح» القولَ بأنَّ الرَّجلين المذكورين في حديث الباب هما الزِّبْرِقان وعَمرو، وقال بعد ما ذكر ما سبقَ من قولهما: وهذا لا يلزم منه أن يكونا هما المرادَ بحديث ابنِ عمر، فإنَّ المتكلم إنَّما هو عَمرو بن الأهتم وحدَه، وكان كلامه في مراجعةِ الزِّبْرِقان، فلا يصحُّ نسبة الخطبة إليهما إلَّا على طريقة التجوُّز.

وفي «جامع عبد الرَّزَّاق» عن (٤) مجاهد قال: خطبَ النَّبيُّ خطبةً في بعض الأمر، ثمَّ قام أبو بكر فخطبَ خطبة دونها، ثمَّ قام عمرُ فخطبَ خطبة دون خطبة أبي بكرٍ، ثمَّ قام شاب فاستأذنَ النَّبيَّ في الخطبةِ فأذن له، فطوَّل الخطبة، فلم يزلْ يخطُبُ حتَّى قال له النَّبيُّ : «هنية» (٥) أو كما قال النَّبيُّ ، ثمَّ قال: «وإنَّ (٦) الله لم يبعثْ نبيًّا إلَّا مبلِّغًا وإنَّ تشقيقَ الكلام من الشَّيطان، وإنَّ من البيان لسحرًا» أو «من البيان سحرٌ» قال شيخنَا الحافظ أبو الخير السَّخاويُّ: فهذه خلافُ القصَّة الأخرى جزمًا.


(١) في (ص): «تخيير».
(٢) في (د): «جهتين».
(٣) في (د): «على ما روي كان منه».
(٤) في (س): «من مسند».
(٥) في جامع معمر: «هِيْهِ قَطِ الآن».
(٦) في (د): «إن»، كذا في «جامع معمر».

<<  <  ج: ص:  >  >>