للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفتح الراء الأولى بعدها تحتية ساكنة، سعيدِ بن إياسِ بنِ مسعودٍ البصريِّ، والجُرَيريِّ نسبةً إلى جريرِ بنِ عباد (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ) أبي بكرةَ نُفَيع () أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : أَلَا) بالتَّخفيف حرف استفتاح وضعَ لتنبيهِ المخاطبِ على ما يتكلَّم به من بعدهِ (أُنَبِّئُكُمْ) أخبرُكم (بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟) جمع كبيرةٍ، وأصله وصف مؤنَّث، أي: الفعلةُ الكبيرةُ ونحوها، وكبرهَا باعتبار شدَّة مَفْسدتها وعِظَمِ إثمها (قُلْنَا) ولأبي ذرٍّ: «فقلنا»: (بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ) أَخْبرنا (قَالَ) : أحدُها (الإِشْرَاكُ بِاللهِ) ﷿ غيره في العبادةِ والألوهيَّة، أو المراد مطلقُ الكفر على أيِّ نوعٍ كان وهو المرادُ هنا، وحينئذٍ فالتَّعبير بالإشراكِ لغلبتهِ في الوجودِ لا سيَّما في بلاد العرب، ولو أريدَ الأوَّل لكان محكومًا بأنَّه أعظمُ أنواع الكفْرِ، ولا ريبَ أنَّ التَّعطيل أقبحُ منه وأشدُّ لأنَّه نفيٌ مطلقٌ والإشراكُ إثباتٌ (وَ) ثانيهما (١) (عُقُوقُ الوَالِدَيْنِ) معطوفٌ على سابقهِ، وهو مصدر عقَّ والدَه يعقُّه عُقُوقًا فهو عاقٌّ إذا آذاهُ وعصاهُ، وهو ضدُّ البرِّ، وأمَّا العقوق المحرَّم شرعًا فقال ابن عبد السَّلام: لم أقفْ له على ضابطٍ أعتمدُ عليه، فإنَّه لا يجبُ طاعتهما في كلِّ ما يأمران به وينهيان عنه اتِّفاقًا، وقالوا: يحرمُ على الولدِ الجهاد بغيرِ إذنهما لِمَا يشقُّ عليهما من توقُّع قتلهِ، أو قطع شيءٍ منه.

نعم، في «فتاوى ابن الصلاح» العقوقُ المحرَّم كلُّ فعلٍ يتأذَّى به الوالد تأذِّيًا ليس بالهيِّن مع كونهِ ليس من الأفعالِ الواجبةِ. قال: وربَّما قيل: طاعة الوالدين واجبةٌ في كلِّ ما ليس بمعصيةٍ، ومخالفة ذلك عقوق (وَكَانَ) (مُتَّكِئًا فَجَلَسَ) جملةٌ مِن كان واسمها وخبرِها (فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ) من عطف التَّفسير لأنَّ قول الزُّور أعمُّ من أن يكون كُفرًا، ومِن أن يكون شهادةً أو كذبًا آخر من الكذبات، أو من عطفِ الخاصِّ على العامِّ تعظيمًا لهذا النَّوع لِمَا يترتَّب عليه من المفاسد. قال (٢) الشَّيخ ابنُ دقيق العيد: ينبغي أن يحملَ قول الزُّور على شهادة الزُّور (٣)، فإنَّا لو حملناهُ على الإطلاق لزم أن تكون الكِذْبة الواحدة مطلقًا كبيرةً، وليس كذلك، وإن كانت مراتب الكذبِ متفاوتةً بحسب تفاوتِ مفاسده (أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ) ذكرها مرَّتين، لكن في الفرع شطب على الثَّاني وهو: «ألا … » إلى آخرهِ،


(١) في (س): «ثانيها».
(٢) في (د): «وقال».
(٣) في (د): «الشهادة».

<<  <  ج: ص:  >  >>